×

من التأمين التقليدى إلى الشامل.. مصر تعيد رسم خريطة الرعاية الصحية بالذكاء الاصطناعى

كتب - عاطف السيد

من التأمين التقليدى إلى الشامل.. مصر تعيد رسم خريطة الرعاية الصحية بالذكاء الاصطناعى

رئيس التحرير:عاطف السيد

فى واحدة من أهم خطوات إصلاح المنظومة الصحية فى مصر، تمضى وزارة الصحة والسكان، بقيادة الدكتور خالد عبدالغفار، نحو تطبيق شامل ومتدرج لمنظومة التأمين الصحى الشامل، التى تعد المشروع الأضخم فى تاريخ مصر الحديث لتوفير رعاية صحية متكاملة لكل مواطن، على أسس من العدالة والجودة والتكنولوجيا.

هذا المشروع لا يقتصر على تحديث البنية التحتية أو توسيع مظلة التغطية فحسب، بل يمثل نقلة نوعية نحو تبنى الذكاء الاصطناعى كأداة مركزية فى تحسين جودة الرعاية الصحية وكفاءتها.

من الفوضى الورقية إلى النظام الذكي

لطالما كانت مكاتب التأمين الصحى القديم عنوانًا للبيروقراطية، والمعاناة، والطوابير الممتدة. لكن منذ انطلاق منظومة التأمين الصحى الشامل فى ٢٠١٩ بمحافظة بورسعيد، ثم تباعًا فى الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، السويس، وأسوان، بدأ المواطن يشعر بتحول ملموس فى مستوى الخدمة وسهولة الوصول إليها.

اليوم، تُدار المنظومة الجديدة عبر نظام رقمى متكامل، يعتمد على الذكاء الاصطناعى لتحليل بيانات المرضى، وتسريع إجراءات التشخيص والإحالة، وتوفير خدمات استباقية، مما يختصر رحلة المريض، ويقلل من فرص الخطأ، ويرفع من كفاءة استخدام الموارد الصحية.

كما تتيح هذه النظم إمكانية تتبع الحالات المزمنة، وإنشاء ملفات صحية موحدة إلكترونيًا، يتم تحديثها لحظيًا على مستوى الجمهورية، فى خطوة تُعد غير مسبوقة فى تاريخ الرعاية الصحية المصرية.

الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، يصف الذكاء الاصطناعى بأنه «شريك استراتيجي» فى تنفيذ رؤية التأمين الصحى الشامل، مشيرًا إلى أن المنظومة لا تعتمد فقط على تطوير المبانى أو الأجهزة، بل تؤسس لنظام ذكى يتابع المريض من لحظة الدخول وحتى التعافي.

ويؤكد السبكى أن الهيئة بدأت فى تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعى داخل العيادات والمستشفيات لتقييم الحالة الصحية، وتوجيه المريض بدقة إلى الطبيب أو الخدمة المناسبة، ومتابعة مؤشرات الجودة بشكل لحظي. كما يُستخدم الذكاء الاصطناعى فى التنبؤ باحتياجات الدواء، ومراقبة سلاسل التوريد، ما يسهم فى ترشيد النفقات وتحقيق الكفاءة التشغيلية.

ويضيف أن الذكاء الاصطناعى أصبح عنصرًا رئيسيًا فى تصميم السياسات الصحية على أسس علمية دقيقة، حيث يمكن للهيئة التنبؤ بأماكن الضغط المرتفع على الخدمة، وتوزيع الموارد بشكل أكثر عدالة، مع إمكانية اكتشاف التحديات قبل أن تتحول إلى أزمات.

وزارة الصحة، بالتنسيق مع الهيئة العامة للرعاية الصحية، تستعد لإطلاق المرحلة الثانية التى تضم القليوبية، المنوفية، كفر الشيخ، دمياط، والبحر الأحمر. وقد تم وضع خطة لتأهيل البنية التحتية الرقمية والطبية، واعتماد المنشآت، وتدريب الكوادر البشرية على استخدام التكنولوجيا الحديثة فى تقديم الخدمة.

ويركز الدكتور أحمد السبكى على أهمية الدمج بين البنية التحتية المحدثة والكفاءة البشرية المدربة، مشددًا على أن المواطن يجب أن يشعر بالفارق الحقيقى عند الانتقال إلى المنظومة الجديدة، وهو ما يتطلب نظامًا صحيًا متكاملًا، رقميًا، وذكيًا.

الجمهورية الجديدة.. الإنسان أولًا

التأمين الصحى الشامل ليس مجرد مشروع صحي، بل هو أحد أركان بناء «الجمهورية الجديدة»، التى تضع الإنسان فى مقدمة أولوياتها. ويهدف المشروع إلى تحقيق تغطية صحية شاملة بحلول ٢٠٣٠، تشمل كل المصريين، من خلال نظام عادل ومستدام وذكي.

وتكمن قوة المشروع فى أنه لا يميز بين مواطن وآخر، ويعتمد على التحليل الرقمى الذكى لتحديد الاحتياج الفعلى للخدمة الصحية فى كل منطقة، مع وضع خطط مرنة قابلة للتحديث الفوري، بفضل منظومة متكاملة تعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي.

ختامًا.. ما يجرى حاليًا فى قطاع الصحة ليس مجرد تطوير شكلي، بل ثورة حقيقية يقودها الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، مدعومة برؤية دولة تتطلع إلى نظام صحى رقمي، متكامل، وعادل، يكون الذكاء الاصطناعى فيه أداة لضمان الكفاءة والعدالة، ولتقديم خدمة صحية تليق بكرامة المواطن المصري.

وفى ظل ما تشهده الدولة من تطورات فى الرقمنة والتحول الذكي، يأتى التأمين الصحى الشامل ليكون نموذجًا يُحتذى به فى إدارة الصحة بالمستقبل، حيث يُصبح المريض محور الخدمة، والتكنولوجيا أداة لتكافؤ الفرص، والذكاء الاصطناعى شريكًا فى اتخاذ القرار، وتحقيق أعلى معايير الجودة والعدالة.

وزارة الصحة والسكان